تخيّل أنكَ قادر على التنبؤ باتجاهات السوق واتخاذ قرارات تداول أكثر ذكاءً. يمكن أن تساعدك المؤشرات الفنية على القيام بتلك المهمة. تعمل هذه الأدوات على تحويل بيانات السوق المعقدة إلى رؤى يمكن تطبيقها بشكل عملي، ما يعطيك صورة أكثر وضوحًا بشأن المسار الذي سيسلكه السوق. تأكد أنّ الفهم الجيِّد لآليات عمل المؤشرات الفنية سيمنحك ميزة تنافسية، سواء كنت وافدًا جديدًا إلى عالم التداول أم قضيت سنوات طويلة من عمرك في هذا المجال. سنُفصل في هذا الدليل المفاهيم الأساسية حتى نساعدك على الاستفادة من مزايا المؤشرات الفنية في تحسين استراتيجية التداول.
المؤشرات الفنية هي حسابات رياضية مشتقة من بيانات الأسعار، أو حجم التداول، أو عقود الاهتمام المفتوح. يستخدم المتداول هذه المؤشرات لتوقع تحركات الأسعار المستقبلية ورصد فرص التداول المحتملة. وتقدم المؤشرات الفنية من خلال تحليل النماذج و/arلاتجاهات داخل البيانات رؤى ثاقبة حول ديناميكيات السوق التي ربما لا تظهر بشكل فوري على مخططات الأسعار وحدها.
تعمل المؤشرات الفنية من خلال تطبيق معادلات رياضية على بيانات السوق القديمة لإنتاج بيانات جديدة. تساعد هذه البيانات المتداول في فهم القوى المحركة للسوق. على سبيل المثال، يعمل المتوسط المتحرك على تمهيد بيانات السعر بهدف رصد الاتجاه الأساسي، فيما تشير المذبذبات مثل مؤشر القوة النسبية (RSI) إلى ظروف ذروة الشراء أو ذروة البيع. يتيح تفسير هذه الإشارات للمتداول اتخاذ قرارات حكيمة بشأن الأوقات المثلى للدخول في الصفقات والخروج منها.
يُمكن تصنيف المؤشرات الفنية بشكل عام إلى أربعة أنواع رئيسية: مؤشرات الاتجاه، ومؤشرات الزخم، ومؤشرات التذبذب، ومؤشرات الحجم.
- تساعد مؤشرات الاتجاه في قياس قوة واتجاه السوق. لذلك تعتبر أدوات أساسية للمستثمرين الذين يتبعون الاتجاه لمواءمة صفقاتهم مع موجة الحركة الحالية.
- تقيس مؤشرات الزخم سرعة حركة السعر كما تسلط الضوء على قوة الاتجاه. لذلك تعتبر مفيدة لرصد الانعكاسات المحتملة أو تأكيد استمرار الاتجاه.
- توفر مؤشرات التذبذب رؤى حول وتيرة حركة السعر ومعنويات السوق. يشير ارتفاع التذبذب إلى زيادة حالة عدم اليقين في السوق، فيما يشير انخفاض التقلبات إلى أن السوق يشهد بيئة مستقرة.
- تقيس مؤشرات الحجم قوة حركة السعر بناءً على حجم التداول. يرافق الاتجاهات القوية عادةً ارتفاع ملحوظ في أحجام التداول، والتي تؤكد بدورها على جدية المسار الذي يسلكه السعر، فيما يرجح انخفاض حجم التداول عدم وجود اقتناع بين المتداولين بشأن الاتجاه الحالي.
فيما يلي قائمة تفصيلية تتضمن مجموعة من أشهر المؤشرات الفنية التي يشيع استخدامها في أوساط المتداولين حول العالم:
- المتوسط المتحرك : يعمل المتوسط المتحرك (MA) على تمهيد بيانات السعر لإنشاء خط مستمر يُسهِّل من تحديد اتجاه الترند. يعتبر خط المتوسط المتحرك البسيط (SMA) وخط المتوسط المتحرك الأُسي (EMA) هما النوعان الأكثر شيوعًا في الاستخدام. يعطي المتوسط المتحرك الأُسي وزنًا أكبر للأسعار الأخيرة، ما يجعله أكثر تفاعلًا مع البيانات الجديدة.
- تقارب وتباعد المتوسط المتحرك (الماكد) : يُظهر مؤشر الماكد العلاقة بين خطين للمتوسطات المتحركة لسعر الأصل. ويُحسَب من خلال طرح المتوسط المتحرك الأُسي لفترة 26 من نظيره لفترة 12. تعني قراءة الماكد الإيجابية وجود زخم صعودي، فيما تشير قراءته السلبية إلى تضاؤل الزخم.
- المتوسط المتحرك الأُسي : على عكس المتوسط المتحرك البسيط، يعطي المتوسط المتحرك الأُسي وزنًا نسبيًا أكبر للأسعار الأخيرة، ما يجعله أكثر حساسية لتغيرات السعر، وبالتالي أكثر قدرة على رصد الاتجاهات قصيرة الأجل.
- ارتدادات فيبوناتشي : تستخدم هذه الأداة في اكتشاف مستويات الدعم والمقاومة المحتملة بناءً على سلسلة فيبوناتشي. يستخدم المتداولون مستويات الارتداد في تحديد نقاط الانعكاس المحتملة في إطار الاتجاه السائد.
- مؤشر متوسط الحركة الاتجاهية : يقيس مؤشر متوسط الحركة الاتجاهية (ADX) قوة الترند دون أن يضع في الاعتبار طبيعة الاتجاه. تشير القيم أعلى 20 عادةً إلى وجود اتجاه قوي، فيما ترجح القيم الأقل من 20 ضعف الاتجاه أو وجود سوق عرضي.
- مؤشر القوة النسبية : يقيس مؤشر القوة النسبية (RSI) سرعة ودرجة تغير حركة السعر على مقياس من 0 إلى 100. تشير القيم أعلى 70 إلى حالة ذروة الشراء، فيما يعكس انخفاض قراءة المؤشر دون 30 إلى وصول السعر إلى مرحلة ذروة البيع. يساعد مؤشر القوة النسبية المتداول في رصد نقاط الانعكاس المحتملة وتأكيد الاتجاهات.
- بولينجر باند : يتكون مؤشر بولينجر باند من نطاق وسطي (متوسط متحرك بسيط) ونطاقين خارجيين (انحرافات معيارية عن الخط الأوسط). يساعد البولينجر باند المتداول في فهم التذبذبات وحركة السعر المحتملة. عندما تتحرك الأسعار خارج تلك النطاقات، فهذا يشير إلى إمكانية انعكاس أو استمرار الاتجاه الحالي.
- مذبذب الاستوكاستيك : يُصنف ضمن مؤشرات الزخم حيث يُقارن سعر إغلاق معين للأصل مع مجموعة من أسعاره خلال فترة زمنية محددة. يُستخدم الاستوكاستيك في توليد إشارات التداول بناءً على حالة ذروة الشراء وذروة البيع، وذلك من خلال مساعدة المتداول على تحديد نقاط الانعكاس المحتملة.
- مؤشر التوقف والانعكاس : يرصد مؤشر Parabolic SAR (PSAR) نقاط الانعكاس المحتملة في اتجاه سعر السوق. يضع المؤشر نقاطًا أسفل السعر أثناء الاتجاه الصاعد ونقاطًا أعلاه أثناء الاتجاه الهابط بهدف مساعدة المتداول في تحديد مستويات إيقاف الخسارة المتحركة.
- سحابة إيشيموكو : تعتبر أحد المؤشرات الشاملة التي تحدد مستويات الدعم والمقاومة، وكذلك اتجاه الترند، مع قياس الزخم وتوليد إشارات تداول. تتكون السحابة من خمس مكونات رئيسية تقدم بدورها رؤية شاملة لحالة السوق، ما يجعلها أداة متنوعة الاستخدامات بالنسبة للمتداولين
- مؤشر حجم التداول الإجمالي : يستخدم مؤشر حجم التداول الإجمالي (OBV) تدفق حجم التداول للتنبؤ بالتغيرات في سعر السهم. ترتفع قيمة المؤشر وتنخفض بناءً على حجم الصفقات، وهو ما يقدم رؤى حول قوة حركة السعر. تشير ارتفاع قراءة مؤشر حجم التداول إلى استعداد المشترين لدخول السوق ودفع الأسعار للتحرك صعودًا، فيما يعكس انخفاض قراءة المؤشر وجود ضغوط بيعية.
- المذبذبات : المذبذبات هي مؤشرات تتقلب قراءتها بين قيمتين ثابتتين، وتُستخدم في تحديد حالات ذروة الشراء أو ذروة البيع. من أشهر المذبذبات مؤشر القوة النسبية ومذبذب الاستوكاستيك، والتي تساعد المتداول في رصد نقاط الانعكاس المحتملة وتأكيد الاتجاه.
- مؤشر قناة السلع : يقيس مؤشر قناة السلع (CCI) سعر الأصل بالنسبة إلى متوسط السعر خلال فترة زمنية محددة. يُستخدم هذا المؤشر في تحديد الاتجاهات الدورية، وكذلك مستويات ذروة الشراء وذروة البيع. يمكن للمتداول استخدام (CCI) في تحديد نقاط الدخول والخروج المحتملة في إطار الاتجاه السائد.
<img class=”alignnone size-full wp-image-145542″ src=”https://live.cdn-fxgt.com/2024/07/3-1.webp” alt=” أنواع المؤشرات الفنية ” width=”850″ height=”300″ />
دعنا نلقي نظرة على بعض السيناريوهات المحتملة لإيضاح كيفية عمل هذه المؤشرات بشكل عملي:
مثال 1: المتوسطات المتحركة وتتبع الاتجاه
تخيل أنك تتداول سهم كان يتحرك في إطار اتجاه صعودي مستقر. إذا وضعت المتوسط المتحرك لفترة 50 يوم على مخطط سعر السهم، ستلاحظ أن السعر حافظ بشكل مستمر على بقائه أعلى خط المتوسط، وهو ما يعكس قوة الاتجاه الصعودي. لنفترض أنك قررت فتح مركز شراء لاعتقادك الجازم بأن الاتجاه الحالي سوف يستمر. ستظل صفقتك مفتوحة في هذه الحالة طالما ظل السعر أعلى خط المتوسط المتحرك. أمّا إذا قطع السعر أسفل المتوسط المتحرك، فقد تكون تلك إشارة على انعكاس الاتجاه، وهو ما قد يدفعك للتفكير في الخروج من الصفقة.
مثال2: مؤشر القوة النسبية وحالات ذروة الشراء/ ذروة البيع
إذا كنت تفكر في شراء سهم، ولكن بلغت قراءة مؤشر القوة النسبية (RSI) المستوى 75، فقد تكون تلك إشارة على أن السهم قد دخل إلى مرحلة ذروة الشراء. قد يدفعك هذا الوضع إلى تفضيل الانتظار حتى يحدث ارتداد قبل الدخول في الصفقة. وبعد مضي أسبوع، يتراجع مؤشر (RSI) إلى 30، ليعكس حالة ذروة البيع، وعندها قد تقرر فتح صفقتك الشرائية عند سعر أفضل. بعبارة أخرى، يساعدك استخدام مؤشر القوة النسبية في تجنب الشراء عند قمة السعر ودخول الصفقة عندما يكون من المرجح أن ترتفع قيمة السهم.
مثال3: تقاطع الماكد وخط الإشارة
أنت تراقب سهمًا كان يتحرك داخل نطاق عرضي. يقطع خط MACD أعلى خط الإشارة في إشارة إلى انعكاس صعودي. تقرر فتح صفقة شراء وسرعان ما ترى سعر السهم يرتفع، مما يؤكد الإشارة الصعودية. على العكس من ذلك، إذا قطع خط MACD أسفل خط الإشارة، فقد يشير ذلك إلى انعكاس هبوطي، مما يشير إلى فرصة بيع أو إشارة للخروج من مركز شراء.
مثال 4: نطاقات بولينجر والتقلب
إذا افترضنا أن أحد الأسهم التي تراقبها كان يتحرك داخل نطاقات بولينجر باند، ثم كسر السعر فجأة أعلى النطاق العلوي في إشارة إلى زيادة التقلبات وإمكانية حدوث اختراق. ربما تقرر في هذه اللحظة فتح مركز شراء بهدف الاستفادة من الاتجاه الجديد. إذا كسر السعر أسفل النطاق السفلي، فقد تكون تلك إشارة على حدوث اختراق هبوطي، وهو ما سيدفعك إما إلى فتح صفقة بيع أو الخروج من صفقة الشراء.
مثال 5: تصحيح فيبوناتشي والدعم/المقاومة
إذا افترضنا أنك تتبع سهم شهد مؤخرًا حركة صعودية قوية. لإيجاد مستويات الدعم المحتملة التي قد يرتد السعر من عندها قبل مواصلة الاتجاه الصاعد، فربما تلجأ لاستخدام مستويات ارتداد فيبوناتشي وتطبيقها على حركة السعر الحالية. يرتد السعر صوب مستوى 61.8% فيبوناتشي ثم يستأنف اتجاهه الصاعد، وهو ما سيقدم نقطة دخول أفضل بالنسبة لمركز الشراء.
مثال 6: مؤشر Parabolic SAR لتحديد إيقاف الخسارة
إذا افترضنا أنك فتحت مركز شراء على سهم يتحرك في سياق اتجاه واضح. يمكنك استخدام مؤشر Parabolic SAR لتعيين مستويات الإيقاف المتحرك بهدف حماية أرباحك. وبالتوازي مع ارتفاع سعر السهم، تتحرك نقاط PSAR هي الأخرى صعودًا بُغية تأمين أرباحك بالتوازي مع إفساح المجال أمام الصفقة لتحقيق المزيد من المكاسب. إذا تحرك السعر أسفل نقاط PSAR، فقد يشير ذلك إلى انعكاس محتمل ربما يكون من الأفضل معه الخروج من الصفقة لحماية أرباحك.
مثال 7: سحابة إيشيموكو للتحليل الشامل
إذا افترضنا أنك تحلل إحدى الأسهم باستخدام سحابة إيشيموكو، وكان السعر يتحرك أعلى السحابة في إشارة إلى وجود اتجاه صعودي. يُعطي تقاطع خط Tenkan-sen أعلى خط Kijun-sen إشارة صعودية، وهو ما يؤكده قطع خط Chikou Span أعلى السعر. وبناءً على هذا التحليل الشامل، ربما تقرر فتح صفقة شراء وأنت أكثر ثقة في نجاحها بفضل التأكيدات المتعددة التي تقدمها سحابة إيشيموكو.
مثال 8: تحليل OBV والحجم
إذا كنت تفكر في فتح صفقة شراء على إحدى الأسهم، ولكن ترغب في تأكيد قوة الحركة السعرية، ثم أظهر تحليل مؤشر حجم التداول الإجمالي (OBV) أنه يرتفع بالتوازي مع ارتفاع السعر. يرجح ذلك أن حركة السعر الصعودية مدعومة بأحجام شراء قوية، وهو ما يمنحك ثقة أكبر لدخول الصفقة. على النقيض من ذلك، إذا كان OBV يتراجع بينما يرتفع السعر، فهذا يشير إلى ضعف محتمل في قوة الاتجاه.
مثال 9: مذبذب الاستوكاستيك لإشارات الانعكاس
إذا لاحظت أثناء تحليلك للسهم أن مذبذب الاستوكاستيك يُظهر قراءة أعلى 80، فهذا يشير إلى أن السهم يتواجد في منطقة ذروة الشراء. عندها ربما تفضل الانتظار بعض الوقت قبل الدخول في صفقة، ثم ما يلبث أن يتراجع المذبذب إلى أسفل المستوى 80 في إشارة إلى إمكانية تحرك السعر هبوطًا. عندها تقرر الدخول في صفقة شراء على أساس التوقع بوجود حركة هابطة. يساعد ذلك في تحديد الوقت الأمثل لدخول الصفقة من خلال تجنب الدخول عند ذروة حركة السعر.
مثال 10: مؤشر ADX لقوة الاتجاه
إذا كنت تعتقد أن السهم يتحرك في اتجاه واضح، عندها يمكنك تطبيق مؤشر متوسط الحركة الاتجاهية (ADX) لقياس قوة الترند. إذا كانت قراءة ADX أعلى 25، فهذا يشير إلى وجود اتجاه قوي، وهو ما يمنحك ثقة أكبر في فتح صفقة شراء. أما إذا تراجع ADX إلى ما دون المستوى 20، فعندها سيتعين عليك إعادة التفكير لأن تلك القراءة تعكس وجود اتجاه ضعيف أو سوق عرضي.
يساعدك إتقان التعامل مع المؤشرات الفنية في تحسين أداء استراتيجية التداول بدرجة ملحوظة. تُحلل هذه الأدوات بيانات السوق التاريخية بهدف تقديم رؤى ثاقبة حول التغيرات المحتملة للأسعار. تظل المؤشرات الفنية أداة لا غنى عنها بالنسبة لأي متداول، سواء كنت تفضل توظيف المتوسطات المتحركة لتتبع الاتجاهات، أو استخدام مؤشر القوة النسبية لرصد حالات ذروة الشراء، أو الاعتماد على الماكد لقياس قوة الزخم.
حرص على دمج هذه المؤشرات في استراتيجية التداول اليومي. سجّل الآن.