فهم وتطبيق مؤشر متوسط الحركة الاتجاهية (ADX)

ستلاحظ عند الانخراط في عالم التداول أن أحد الأدوات الجديرة بالملاحظة هو مؤشر متوسط الحركة الاتجاهية (ADX). يقدم هذا المؤشر رؤى ثاقبة حول مدى قوة اتجاه السوق، وهو أمر بالغ الأهمية في صياغة استراتيجية التداول. وسواء كنت تتداول منذ فترة طويلة أو بدأت رحلتك في عالم التداول للتو، من الضروري أن تفهم جيدًا آلية عمل مؤشر ADX وكيفية استخدامه بشكل فعال، حيث يمكن أن يؤثر ذلك بشكل كبير على نجاحك في عالم التداول. تستكشف هذه المقالة مؤشر متوسط الحركة الاتجاهية، ونشأته، وكيفية حسابه، والطرق العملية لتطبيقه في أنشطة التداول.

يعود الفضل في تطوير مؤشر متوسط الحركة الاتجاهية إلى جون ويلز وايلدر، وهو واحد من أشهر الشخصيات في مجال التحليل الفني. قدم ويلز ADX في كتابه الشهير الذي صدر عام 1978 تحت عنوان “مفاهيم جديدة في أنظمة التداول الفنية.” قدم هذا الكتاب أيضًا العديد من المؤشرات الشهيرة، بما في ذلك مؤشر القوة النسبية (RSI) ومتوسط النطاق الحقيقي (ATR).

كان هدف ويلز هو تطوير أداة يمكنها التمييز بين الاتجاهات القوية والضعيفة، بحيث توفر للمتداولين مزيدًا من الوضوح عند اتخاذ قرارات التداول. أصبح مؤشر متوسط الحركة الاتجاهية منذ تقديمه جزءً أساسيًا من منظومة التحليل الفني، وذلك بفضل قدرته على تقديم رؤى ثاقبة حول اتجاهات السوق.

من الضروري فهم مكونات مؤشر متوسط الحركة الاتجاهية وكيفية عمله حتى يتسنى لك استخدامه بطريقة فعالة. وكما ذكرنا آنفًا، يُشتق ADX من مؤشرين آخرين: مؤشر الاتجاه الإيجابي (+DI) ومؤشر الاتجاه السلبي (-DI). تقيس هذه المؤشرات الفرق بين قمم وقيعان حركة السعر خلال فترة زمنية محددة.

يُحسب ADX نفسه عن طريق أخذ المتوسط المتحرك المُمهد للقيمة المطلقة للفرق بين +DI و-DI، ثم قسمة الناتج على مجموع +DI و-DI. الناتج من تلك العملية الحسابية هو رقم موجب يشير إلى قوة الاتجاه.

تتراوح قيمة ADX من 0 إلى 100. وتشير القيم أسفل 20 عادةً إلى ضعف الاتجاه أو أن السوق يتحرك في مسار عرضي، فيما تعكس القيم أعلى 25 قوة الاتجاه الحالي. تجاوز قراءة المؤشر المستوى 40 تعد دلالة على أننا بصدد اتجاه قوي للغاية، وهي تعكس غالبًا امتداد السوق الصعودية لفترة طويلة.

يتضمن حساب مؤشر ADX عدة خطوات ومكونات رئيسية. فيما يلي نظرة عامة مبسطة:

1. حساب النطاق الحقيقي (TR): يتحدد النطاق الحقيقي باعتباره الأكبر مما يلي:

• القمة الحالية ناقص القاع الحالي
• القيمة المطلقة للقمة الحالية ناقص الإغلاق السابق
• القيمة المطلقة للقاع الحالي ناقص الإغلاق السابق

2. تحديد الحركة الاتجاهية (DM):

• +DM هو الفرق بين القمة الحالية والقمة السابقة إذا كان موجبًا وأكبر من الفرق بين القاع السابق والقاع الحالي.
• -DM هو الفرق بين القاع السابق والقاع الحالي إذا كان موجبًا وأكبر من الفرق بين القمة الحالية والقمة السابقة.

3. حساب المتوسطات المُمهدة: احسب المتوسطات المتحركة المُمهدة لـ +DM و-DM وTR على مدى فترة زمنية محددة (عادةً 14 يومًا).

4. احسب مؤشرات الاتجاه:

• +DI = (+DM الممهد / TR الممهد) × 100
• -DI = (-DM الممهد / TR الممهد) × 100

5. احسب مؤشر ADX: مؤشر ADX هو المتوسط ​​المتحرك الممهد للقيمة المطلقة لـ (+DI – -DI) / (+DI + -DI) مضروبًا في 100.

تبدو هذه الحسابات معقدة للوهلة الأولى، إلا أن العديد من برامج التداول ومنصات الرسم البياني تقوم بأتمتة هذه العملية بهدف تسهيل الأمر على المتداولين في التعرف على قيم مؤشر ADX.

يساعد تحليل مقاييس مؤشر متوسط الحركة الاتجاهية المتداول في تحديد قوة اتجاهات السوق. فيما يلي شرح لتفسير قيم ADX:

• قراءة ADX أقل من 20: تشير قراءة ADX المنخفضة إلى ضعف الاتجاه أو أننا بصدد سوق عرضي. قد يعني ذلك أن الوقت الحالي ليس مناسبًا للتداول، أو ربما تكون إشارة على ضرورة البحث عن تأكيد إضافي من مؤشرات أخرى.
• قراءة ADX بين 20 و25: يشير هذا النطاق إلى تزايد قوة الاتجاه. قد يفكر المتداول هنا في البحث عن نقاط دخول للاستفادة من بدء الاتجاه في اكتساب مزيدًا من الزخم.
• قراءة ADX أعلى 25: تشير قراءة ADX المرتفعة إلى قوة الاتجاه. وكقاعدة عامة، كلما ارتفعت قراءة ADX، زادت قوة الاتجاه. ولكن قد تشير القراءات المرتفعة للغاية (أعلى 40) إلى أن السوق قد وصل إلى مرحلة التشبع، وهو ما قد يؤدي لاحقًا إلى انعكاس الاتجاه أو حركة ارتدادية.
• قطع ADX أعلى أو أسفل متوسط متحرك: يستخدم المتداولون المتوسطات المتحركة عادةً لتنقية إشارات ADX. إذا قطع ADX أعلى خط المتوسط المتحرك، فقد يعني ذلك أن قوة الاتجاه تتصاعد. وبالعكس، إذا قطع أسفله، فقد تكون تلك إشارة على تضاؤل زخم الاتجاه.

قد تتباين كفاءة مؤشر متوسط الحركة الاتجاهية بحسب ظروف السوق. يتفوق ADX في الأسواق الاتجاهية عند الاستعانة به في تأكيد قوة الاتجاه، ما يجعله أداة مفيدة للغاية في استراتيجيات تتبع الاتجاه. على النقيض من ذلك، قد يتراجع ADX بشكل متكرر إلى ما دون المستوى 20 في الأسواق المتقلبة أو العرضية، والتي تُفسر على أنها إشارة على ضعف أو غياب الاتجاه. ربما يجد المتداول في مثل هذه الفترات أنه من الأفضل التبديل إلى استراتيجيات أخرى أكثر ملائمة مع الأسواق العرضية، مثل تقنيات العودة إلى المتوسط أو استخدام مستويات الدعم والمقاومة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد ADX المتداول في تجنب الاختراقات الكاذبة في الأسواق المتقلبة من خلال تأكيد مدى استدامة الاتجاهات الجديدة. يساعد فهم سلوك ADX تحت ظروف السوق المختلفة المتداول في تطويع استراتيجياته لتتناسب مع الظروف المتغيرة، وكذلك ضمان استخدام الأدوات الصحيحة في الوقت المناسب.

يتطلب استخدام مؤشر متوسط الحركة الاتجاهية بكفاءة دمجه مع استراتيجيات ومؤشرات أخرى. فيما يلي بعض النصائح العملية:

 
• ادمج ADX مع مؤشرات الاتجاه: يعزز الجمع بين ADX ومؤشرات الاتجاه مثل المتوسطات المتحركة أو الماكد من قدرتك على تحليل السوق. على سبيل المثال، إذا أظهر ADX اتجاهًا قويًا بالتوازي مع تأكيد من تقاطع المتوسط المتحرك، فقد تكون تلك إشارة قوية على صفقة جيدة.
• استخدم ADX مع حركة السعر: يقدم تحليل تحركات السعر التاريخية بالتوازي مع قراءات ADX رؤى إضافية. على سبيل المثال، إذا أظهرت حركة السعر اختراقًا لإحدى المستويات الهامة، ثم أكد مؤشر متوسط الحركة الاتجاهية على قوة الاتجاه، فقد يكون الوقت مناسبًا لدخول السوق.
• تجنب الأسواق العرضية: يشير تراجع ADX إلى ما دون المستوى 20 عادةً إلى سوق غير اتجاهية. لذلك قد يكون من الأفضل تجنب التداول أثناء هذه الفترات أو استخدام استراتيجيات مُصممة للعمل في الأسواق العرضية.
• راقب ADX لإشارات الخروج: يمكن أن يساعد ADX أيضًا في تحديد الوقت المناسب للخروج من الصفقة. على سبيل المثال، إذا كان لديك مركز مفتوح وبدأ ADX في التراجع بعد الوصول إلى قمة معينة، فقد تكون تلك إشارة على تلاشي قوة الاتجاه، ومن ثم ربما يكون قد حان الوقت لجني الأرباح أو إيقاف الخسائر.

فيما يلي بعض النصائح لصقل استراتيجيات التداول التي يستخدمها أولئك الذين على دراية بأساسيات مؤشر متوسط الحركة الاتجاهية:

• استخدم عدة أطر زمنية: حلِل ADX على أطر زمنية مختلفة لتحصل على منظور أكثر شمولية عن طبيعة الاتجاهات السائدة. على سبيل المثال، إذا كانت قراءة ADX مرتفعة على إطار اليومي بالتوازي مع قراءة ضعيفة على مخطط الساعة، فقد يشير ذلك إلى قوة الاتجاه على المدى الطويل، ولكن مع وجود تقلبات مضادة في المدى القصير.
• اضبط إعدادات ADX بدقة: الإعداد القياسي للفترة الزمنية لمؤشر متوسط الحركة الاتجاهية هو 14 يومًا، ولكن يمكنك ضبط هذا الرقم وفقًا لأسلوب التداول الذي تستخدمه بغرض الحصول على رؤى مختلفة. وبشكل عام، تجعل الفترات الزمنية الأكثر ADX أكثر حساسية، فيما تساعد الفترات الأطول على تمهيد قراءة المؤشر للحصول على رؤية أكثر شمولية.
• ادمج ADX مع مؤشرات التقلب: يوفر استخدام ADX جنبًا إلى جنب مع مؤشرات التذبذب مثل متوسط النطاق الحقيقي (ATR) رؤية أكثر شمولاً للسوق. على سبيل المثال، تشير قيم ADX المرتفعة بالتوازي مع قراءة مرتفعة لمؤشر ATR إلى قوة الاتجاه وارتفاع حدة التقلبات، وهو ما يخلق بدوره المزيد من فرص التداول.
• دمج مؤشر ADX مع مؤشرات اتجاهية أخرى: يساعد استخدام مؤشر ADX جنبًا إلى جنب مع مؤشرات اتجاهية أخرى مثل مؤشر الحركة الاتجاهية (DMI) في تأكيد قوة الاتجاه ومساره الحالي.

يوفر دمج مؤشر متوسط الحركة الاتجاهية مع مؤشرات فنية أخرى تحليلاً أكثر شمولاً لظروف السوق. تعمل مؤشرات مثل مؤشر القوة النسبية (RSI)، وبولينجر باند، ومذبذب الاستوكاستيك على تدعيم إشارات ADX من خلال إضافة رؤى جديدة وطبقة إضافية للتأكيد: على سبيل المثال، يساعد استخدام RSI مع ADX المتداول في تحديد ما إذا كان الاتجاه القوي قد وصل إلى مرحلة ذروة الشراء أو ذروة البيع، والتي تعطي بدورها إشارات على احتمالات الانعكاس أو التصحيحات. وبالمثل، يسلط بولينجر باند الضوء على الفترات التي تشهد تقلبات مرتفعة أو منخفضة، وبالتالي يمكن دمجه مع قراءات ADX لتحديد نقاط الدخول والخروج المثلى. بعبارة أخرى، يساعد مزج ADX مع مؤشرات أخرى المتداول في صياغة استراتيجية تداول أكثر موثوقية من خلال الأخذ في الاعتبار جوانب متعددة من سلوك السوق. 

دعنا نُلخص ما سبق: مؤشر متوسط الحركة الاتجاهية (ADX) هو أداة فعالة للمتداولين الراغبين في فهم اتجاهات السوق. يعود الفضل في تطوير ADX إلى جون ويلز وايلدر، ويركز المؤشر على قياس قوة الاتجاه حتى يوفر للمتداولين رؤى أساسية حول اتجاهات السوق. يستطيع المتداول من خلال تفسير قيم ADX أن يحدد بشكل أفضل ما إذا كان السوق يتحرك في سياق اتجاه قوي أم حركة عرضية.

يعزز دمج ADX مع مؤشرات فنية أخرى مثل مؤشر القوة النسبية (RSI)، وبولينجر باند، وتقارب وتباعد المتوسط المتحرك (الماكد) من كفاءة استراتيجيات التداول. يساهم أيضًا ضبط إعدادات ADX واستخدام أطر زمنية مختلفة في تحسين فعالية المؤشر من خلال تقديم رؤية تفصيلية لسلوك السوق.

يساعد تطبيق ADX في ظل ظروف السوق المختلفة المتداول في تطويع استراتيجياته، ما يجعله أداة فعالة في الأسواق الاتجاهية والعرضية على حدٍ سواء.

وسواء كنت متداولاً مبتدئًا أو متمرسًا، يمثل مؤشر متوسط الحركة الاتجاهية إضافة قيمة إلى قائمة أدوات التداول حيث سيساعدك في اتخاذ قرارات تداول أكثر دقة والتعامل بحرفية أكبر مع تعقيدات الأسواق العالمية.

للاطلاع على ملخص سريع للمؤشرات الفنية الرئيسية، يرجى الرجوع إلى الدليل الأساسي للمؤشرات الفنية .