الوظائف الشاغرة في الولايات المتحدة تسجل أدنى مستوى في 3 سنوات ونصف، وارتفاع توقعات خفض الفائدة الفيدرالية

هبط عدد الوظائف الشاغرة في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوى في ثلاثة أعوام ونصف، وذلك في إشارة إلى ضعف أوضاع سوق العمل. وتزداد الرهانات على خفض الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة في اجتماعه المقبل وسط تزايد الإشارات حول تباطؤ وتيرة خلق الوظائف وتراجع فرص العمل. ويشير هذا التحول، جنبًا إلى جنب مع ضعف البيانات الاقتصادية وتزايد توقعات السوق، إلى تغير وشيك في السياسة النقدية بهدف تحقيق التوازن بين اعتبارات السيطرة على التضخم ودعم النمو الاقتصادي.

سجلت الوظائف الشاغرة في الولايات المتحدة أدنى مستوى منذ أبريل 2021، حيث تراجعت إلى 7.67 مليون. ووفقًا للمسح الوظائف الشاغرة ودوران العمالة (JOLTS) الذي تجريه وزارة العمل الأمريكية، يمثل هذا الرقم تراجعًا بمقدار 237,000 وظيفة مقارنةً بيونيو، كما أنه أقل من توقعات المحللين التي رجحت هذا الرقم عند 8.1 مليون. كما انخفضت نسبة الوظائف الشاغرة إلى العمالة المتاحة إلى أقل من 1.1%، وهي إشارة إضافية على ضعف سوق العمل. كما ازدادت عمليات تسريح العمال بمقدار 202 ألف وظيفة، لتسجل 1.76 مليون، في حين ارتفعت طلبات التوظيف بمقدار 273 ألف، وهو ما يعكس إشارات متضاربة حول الأوضاع في سوق العمل.
ستدفع هذه البيانات على الأرجح الاحتياطي الفيدرالي إلى التفكير في خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه منتصف سبتمبر القادم. وفي حين شهدت بعض القطاعات ارتفاعًا في عدد الوظائف الشاغرة، مثل الخدمات المهنية والتجارة، سجلت قطاعات أخرى انخفاضات ملحوظة، على رأسها التعليم الخاص، والخدمات الصحية، والوظائف الحكومية. ويرى بعض الخبراء أنه برغم المخاوف بشأن التباطؤ الاقتصادي، إلا أن سوق العمل ربما لا ينكمش بالوتيرة التي يتخوف منها البعض. وتسبق هذه التقارير صدور بيانات التوظيف خارج القطاع الزراعي في أغسطس، والتي من المتوقع أن تُظهر نموًا متواضعًا.

أبدى رئيس الاحتياطي الفيدرالي عن اتلاتنا رافائيل بوسيك استعداده للبدء في خفض أسعار الفائدة حتى مع بقاء معدل التضخم أعلى المستوى الذي يستهدفه البنك المركزي عند 2%. والجدير بالذكر أن بوسيك كان معروفًا بمواقفه المتشددة تجاه أولوية مكافحة التضخم، ولكن يبدو أنه قد حول تركيزه الآن إلى التعامل مع تحديات ضعف سوق العمل، حيث شدد على أهمية اتخاذ إجراءات استباقية في هذا الشأن لمنع أي اضطرابات محتملة حتى قبل أن يصل التضخم إلى المستوى المستهدف عند 2%. وعلى أية حال، تتوافق تصريحات بوسيك مع توقعات السوق بخفض أسعار الفائدة خلال اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في 17 و18 سبتمبر القادمين، وهو ما يلقى دعمًا من تراجع مؤشر أسعار المستهلكين إلى 2.5%. كما يعزز موقف بوسيك الرهانات على خفض أسعار الفائدة باعتباره عضوًا مصوتًا في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، ناهيك عن الدعم الذي تتلقاه من علامات التباطؤ الاقتصادي واعتدال التضخم.

انخفض مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) بنسبة 0.8% مقارنةً بالأسبوع السابق، وذلك على خلفية اتساع عجز الميزان التجاري الأمريكي، وانخفاض عوائد سندات الخزانة، وتراجع الوظائف الشاغرة بأكثر من المتوقع، والتي أكدت جميعها على ضعف سوق العمل. وتعرضت العملة الخضراء لضغوط إضافية من اللهجة المتشائمة التي استخدمها البنك المركزي في كتاب “البيج بوك” والتي دعمت بدورها توقعات خفض أسعار الفائدة. في هذه الأثناء، ارتفع زوج EURUSD مستفيدًا من ضعف الدولار، حتى برغم القراءة السلبية لمؤشر أسعار المنتجين في منطقة اليورو والتصريحات الصادرة عن مسؤولين في البنك المركزي تدعم سيناريو التيسير النقدي. وهبط USDJPY هو الآخر بنسبة 2.6% بدعم من تدفقات الملاذ الآمن تجاه الين الياباني بعد انخفاض مؤشر NK للأسهم.

إذا أظهر تقرير التوظيف خارج القطاع الزراعي لشهر سبتمبر 2024 مؤشرات إيجابية عن أوضاع سوق العمل، فمن المرجح أن يقلل ذلك من احتمالات خفض الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس. يشير نمو الوظائف عادةً إلى أن الاقتصاد في حالة جيدة، وهو ما قد يُسهم تلقائيًا في اعتدال التضخم على العكس من ذلك، فإن صدور قراءة ضعيفة لتقرير الوظائف غير الزراعية سيرفع احتمالات خفض الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية. يعكس ضعف بيانات الوظائف وجود تباطؤ اقتصادي، وهو ما يدفع البنك المركزي تقليديًا إلى خفض أسعار الفائدة بهدف تشجيع النمو. وعلى أية حال، سيركز قرار الفيدرالي على اعتبارات الموازنة بين السيطرة على التضخم ودعم النمو الاقتصادي.

شهد مؤشر الدولار الأمريكي خمسة أسابيع متتالية من الانخفاضات مدعومًا بتوقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي وضعف بيانات العمل. إذا كسر المؤشر بشكل حاسم أسفل حد النطاق السلفي عند 100.617، والذي مثل قاعدة الحركة منذ 2023، فسوف يفتح الطريق أمام ثلاثة مستويات محتملة للدعم. يتواجد خط الدعم الأول عند قاع 23 يوليو 99.578. إذا تواصل الضغط الهبوطي، فقد يتراجع مؤشر الدولار الأمريكي إلى 98.196. يتواجد خط الدعم الثالث عند 96.350. سيراقب المتداولون أداء المؤشر عن كثب قرب مستويات الدعم الثلاثة المذكورة، حيث أن الكسر دونه بشكل حاسم سيرجح اختراقًا حاسمًا يمهد الطريق لفترة مُطولة من الاتجاه الهبوطي للدولار الأمريكي.

يدعم التراجع الأخير للوظائف الشاغرة في الولايات المتحدة والإشارات الصادرة من سوق العمل احتمالات خفض الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة في سبتمبر. ويواجه المركزي الأمريكي ضغوطًا للموازنة بين السيطرة على التضخم ودعم الاقتصاد في ظل ضعف سوق العمل وسلبية البيانات الاقتصادية. لذلك، سيكون التقرير القادم للوظائف خارج القطاع الزراعي حاسمًا في تشكيل قرارات السياسة النقدية التي سيتخذها الاحتياطي الفيدرالي على المدى القريب.