شهد الأسبوع الماضي صدور العديد من البيانات والأحداث الاقتصادية المهمة، والتي أثرت بشكل ملحوظ على الأسواق المالية. وشملت أبرز البيانات الصادرة طلبيات السلع المعمرة بقيمتها الأساسية في الولايات المتحدة، خطاب رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، وتقرير نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، ومبيعات المنازل الجديدة، ومؤشر Ifo لمناخ الأعمال في ألمانيا، وقرار الفائدة الكندية. بالإضافة إلى ذلك، لعبت التغيرات في أسعار الذهب ومخزونات النفط والخام، وكذلك تفاعل السوق مع تقارير الأرباح المخيبة للآمال دورًا محوريًا في تشكيل ديناميكيات السوق.
الأحداث والمؤشرات الاقتصادية الرئيسية
قرار سعر الفائدة الكندية
كان لهذا القرار تأثيرات متضاربة نوعًا ما على زوج الدولار الأمريكي مقابل الدولار الكندي، حيث شهد تقلبات مستمرة طوال الأسبوع وأغلق على ارتفاع بنسبة 0.8% مقارنةً بالأسبوع الماضي.
خفض بنك كندا سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس للمرة الثانية على التوالي، لتسجل حاليًا 4.5%، وهو ما أتى متماشيًا مع توقعات الاقتصاديين والمشاركين في السوق.
أشار محافظ كندا تيف ماكلم إلى أن التركيز حاليًا ينصب على منع انكماش ضغوط الأسعار بشكل مفرط واضعًا في الاعتبار المخاطر المحتملة مثل تباطؤ النمو الاقتصادي، وضعف إنفاق المستهلكين، وارتفاع معدل البطالة، والذي يبلغ حاليًا 6.4%- وهو مستوى أعلى مما كان عليه قبل جائحة كورونا.
وشدد ماكلم على أنه من “المنطقي” توقع تخفيضات إضافية لسعر الفائدة، ولكنه أشار إلى أن البنك المركزي سيتخذ القرارات على أساس كل حالة على حدة.
مبيعات المنازل الجديدة في الولايات المتحدة
انخفضت مبيعات المنازل الجديدة التي تسكنها أسرة واحدة في الولايات المتحدة إلى معدل سنوي 617,000، بانخفاض قدره 0.6% في يونيو 2024 مقارنةً بالشهر السابق، وذلك في ظل استمرار ارتفاع فوائد الرهن العقاري لتقترض من حاجز الـ 7%، وهو ما قلص رغبة المشترين. وبلغ متوسط سعر البيع 487,200$، مقارنةً مع متوسط السعر للمنازل المباعة حديثًا المسجل في يونيو 2024 عند 417,300.
مؤشر Ifo لمناخ الأعمال في ألمانيا
وفقًا لتقرير معهد Ifo، تدهورت معنويات الشركات بشكل ملحوظ في ألمانيا خلال الشهر الماضي. وهبطت قراءة مؤشر Ifo لمناخ الأعمال إلى 87.0. في يوليو، مقارنةً مع 88.6. في يونيو. وانخفض مستوى رضا الشركات عن ظروف العمل الحالية. كما تراجع مؤشر مناخ الأعمال في قطاعي الخدمات والصناعات التحويلية. شهد قطاع التجزئة هو الآخر تدهورًا في مناخ الأعمال، حيث هبطت قيمة المؤشر في صناعات البناء الرئيسية. وتراود الشركات شكوكًا بشأن الأوضاع في الأشهر المقبلة، حيث ظلت التوقعات دون تغير يُذكر في إشارة واضحة إلى شيوع حالة من التشاؤم.
الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي – ربع سنوي
أظهرت أحدث تقارير الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة نمو الاقتصاد بنسبة 2.8% خلال الربع الثاني من 2024، متجاوزًا التوقعات التي رجحت نموًا بحدود 2.0%. وكان المحرك الرئيسي لهذا النمو إنفاق المستهلكين واستثمارات الشركات، حتى برغم تباطؤ وتيرة النمو. وفي حين قدمت تلك البيانات دعمًا مؤقتًا للدولار الأمريكي، إلا أنها أثارت مخاوف بشأن استدامة النمو الاقتصادي.
مؤشر أسعار الاستهلاك الشخصي الأساسي على أساس شهري
كشف تقرير طلبيات السلع المعمرة عن انخفاض حاد بنسبة 6.6%، وهي إشارة على ضعف الطلب على السلع المصنعة بغرض الاستخدام لفترات طويلة. ويسلط هذا الرقم السلبي الضوء على الضعف الجوهري لقطاع الصناعات التحويلية، وهو ما يخلق حالة من التشاؤم تؤثر على معنويات السوق. وفقًا لمكتب الإحصاء الأمريكي، يرجع الانكماش المذكور بشكل رئيسي إلى ضعف مبيعات معدات النقل، والتي هبطت بنسبة 20.5%. وباستثناء النقل، ارتفعت طلبيات السلع المعمرة بـ 0.5%.
مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي – شهري
سجّل المؤشر المفضل للاحتياطي الفيدرالي لقياس التضخم زيادة متواضعة بنسبة 0.2% في يونيو، وهو ما أتى متماشيًا مع توقعات الاقتصاديين. وفقًا لمكتب التحليل الاقتصادي، ارتفع المؤشر بنسبة 2.6% على أساس سنوي، وهو ما حفز نقاشات حول خفض الفيدرالي لسعر الفائدة خلال اجتماع سبتمبر المقبل.
مخزونات الذهب والنفط الخام
هبطت أسعار النفط الخام في ظل إشارات تباطؤ الاقتصاد العالمي والمكاسب التي حققها الدولار الأمريكي. وبرغم انخفاض مخزونات الخام بوتيرة أكبر من المتوقع، إلا أن ذلك لم يقدم سوى دعم مؤقت لأسعار النفط.
بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة، هبطت مخزونات الخام التجارية (باستثناء الاحتياطي الاستراتيجي) بمقدار 3.7 مليون برميل مقارنةً بالأسبوع السابق، وهو ما يمثل الانخفاض الأسبوعي الثالث على التوالي. وبلغ إجمالي مخزونات النفط الخام الأمريكية في الوقت الحالي 436.5 مليون برميل، وهو رقم أقل من متوسط قيمتها لخمس سنوات خلال هذه الفترة من العام.
تعافى الذهب في تعاملات الجمعة ليغلق الأسبوع على انخفاض طفيف قدره 1.17%.
سوق الأسهم
- انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.85%
- انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 1%
-
انخفض مؤشر ناسداك 100 بأكثر من 2.5%
تسلا تواجه مرة أخرى تحديات في الربع الفائت بسبب استمرار ضغوط الهامش في ظل ازدياد تنافسية سوق المركبات الكهربائية.
انخفضت أسهم تسلا بأكثر من 11% بعد أن جاءت مؤشرات الأداء دون التوقعات.
هبطت أسهم فورد موتورز بنسبة 18.5% الأسبوع الماضي، وهو ما يمثل أكبر تراجع أسبوعي بعد أن أتت تقارير الأرباح دون المتوقع.
هبطت أسهم ألفا بت بأكثر من 8% رغم أن تقارير الأرباح أتت بأفضل من المتوقع وعكست تسجيل نمو قوي فضلًا عن العديد من النقاط الإيجابية التي تضمنتها النتائج المالية. ويعزو العديد من المحللين هذا الانخفاض إلى تضخم الإنفاق الرأسمالي بوتيرة أكبر من المتوقع، مما أثار مخاوف المستثمرين.
ويتكهن المستثمرون ببدء الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة خلال اجتماع سبتمبر، وهو ما قاد البعض إلى تفضيل أسهم الشركات الصغيرة والتي تستفيد بشكل أكبر من تراجع تكلفة الاقتراض مقارنةً بالشركات الكبيرة.
خاتمة
انتهت تعاملات الأسبوع الفائت في ظل تضارب البيانات الاقتصادية وردود أفعال السوق. وبرغم حالة التفاؤل التي سادت في أعقاب النمو القوي للناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، إلا أن مؤشرات أخرى مثل مبيعات المنازل الجديدة ومؤشر IFO لمناخ الأعمال سلطت الضوء على استمرار التحديات. وعكست اللهجة الحذرة للاحتياط الفيدرالي في مقابل إقدام بنك كندا على خفض الفائدة الصعوبات التي تواجهها البنوك المركزية في إحداث التوازن المطلوب بين إدارة النمو وتوقعات التضخم. لا يزال تركيز المستثمرين منصبًا على البيانات الاقتصادية القائمة وقرارات البنوك المركزية، والتي ستواصل تأثرها في صياغة تحركات السوق خلال الأسابيع المقبلة.