شهد الأسبوع الماضي، من 12 إلى 16 أغسطس 2024، تحولات اقتصادية كبيرة وردود فعل واسعة النطاق في الأسواق المالية عبر الاقتصادات الكبرى. على سبيل المثال، سلط التراجع الحاد في مؤشر معنويات الاقتصاد في ألمانيا الضوء على المخاوف بشأن التوقعات الاقتصادية للبلاد، فيما أكدت التغيرات الطفيفة في معدل التضخم ومبيعات التجزئة الأمريكية على تعقد المشهد الاقتصادي في الولايات المتحدة. في هذه الأثناء، تتناقض عودة اليابان إلى مسار النمو مع التعديلات الحذرة في السياسة النقدية في نيوزيلاندا. شهدت أسواق السلع مثل النفط الخام والذهب تقلبات حادة وسط هذه التطورات، وهو ما يعكس مخاوف اقتصادية أوسع نطاقًا. أبدت أسواق الأسهم مرونة ملحوظة، حيث سجلت المؤشرات الرئيسية مكاسب قوية بدعم من أرباح الشركات الإيجابية التي أعلنت عنها الشركات الكبرى.
تراجع مؤشر ZEW للثقة الاقتصادية في ألمانيا بشكل حاد ليسجل 19.2 نقطة في أغسطس 2024، منخفضًا من 22.6نقطة في الشهر السابق. وتمثل القراءة الأخيرة أكبر انخفاض في توقعات أرباب العمل منذ يوليو 2022. كما تدهور تقييم الوضع الاقتصادي الحالي بألمانيا، حيث انخفض هذا المؤشر الفرعي بمقدار 8.4 نقطة ليسجل قاع جديد عند -77.3 نقطة.
سجل زوج EURUSD تغير يومي بمقدار +0.56%
ارتفع مؤشر أسعار المنتجين في يوليو بنسبة 0.1%. وارتفعت أسعار سلع الطلب النهائي بمقدار 0.6%، فيما تراجعت أسعار الخدمات بنسبة 0.2%. كما زادت أسعار التجزئة الأساسية، والتي تستبعد الغذاء والطاقة وخدمات التجارة، بنسبة 0.3%. وارتفع مؤشر الطلب النهائي بقيمته الأساسية 3.3% مقارنةً بالعام الماضي.
انخفض مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 0.51% مقارنةً باليوم السابق.
نيوزيلاندا: سعر الفائدة الرسمي (دولار نيوزيلاندي)
قرر بنك الاحتياطي النيوزيلاندي بشكل مفاجئ في اجتماع 14 أغسطس خفض معدل الفائدة الرسمي بمقدار 25 نقطة أساس إلى 5.25%، وذلك في محاولة لتحقيق التوازن الحذر مع اعتدال التضخم.
سجّل زوج NZDUSD انخفاضًا يوميًا بمقدار 1.28%.
ارتفع معدل البطالة في كُلًا من منطقة اليورو وأوروبا خلال الربع الثاني من 2024 بنسبة 0.2% مقارنةً بالربع السابق. برغم ذلك، يمثل هذا الرقم تراجعًا طفيفًا من الزيادة المسجلة في الربع الأول عند 0.3%. كما ارتفع معدل البطالة على أساس سنوي بنسبة 0.8% في منطقة اليورو و0.7% في الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد ارتفاع بنسبة 1.0% و0.9% على التوالي خلال الربع الأول من 2024.
سجل الناتج المحلي الإجمالي المُعدل موسميًا في كُل من منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي نموًا بنسبة 0.3% خلال الربع الثاني من 2024، وهو نفس معدل النمو المسجل في الربع السابق. كما نما الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي بنسبة 0.6% في منطقة اليورو و0.8% في الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعكس تحسنًا طفيفًا عن معدلات النمو المسجلة في الربع الأول من 2024 عند 0.5% و0.6% على التوالي.
وفقًا لـ بلومبرج، سجل معدل التضخم الأمريكي زيادة طفيفة في شهر يوليو بمقدار 0.2% على أساس شهري، فيما استقر التضخم السنوي عند 2.9%، وهو ما يُعزى بشكل رئيسي إلى ارتفاع تكاليف الإسكان، والتي ساهمت بنسبة 90% من الزيادة الإجمالية. في هذه الأثناء، ارتفع التضخم الأساسي بمقدار 3.2% على أساس سنوي، وهي أدنى وتيرة للنمو منذ بداية 2021. أدت هذه البيانات إلى تراجع طفيف في توقعات خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة خلال اجتماع سبتمبر.
سجلت عوائد السندات وعقود الأسهم الآجلة مكاسب طفيفة، فيما ارتفع مؤشر S&P500 بمقدار 0.5%.
بلغ متوسط مدخلات مصافي النفط في الولايات المتحدة 16.5 مليون برميل يوميًا، فيما ارتفعت مخزونات الخام بمقدار 1.4 مليون برميل، وهو ما أتى دون توقعات المحللين. في هذه الأثناء، انخفضت مخزونات البنزين والتقطير إلى ما دون متوسطات الخمس سنوات، فيما ارتفعت مخزونات البروبان فوق المتوسط. وانخفض إجمالي مخزونات المواد البترولية بمقدار 3.1 مليون برميل.
هبطت أسعار النفط الخام بنسبة 1.7%.
عادت اليابان إلى مسار النمو خلال الربع الثاني بدعم من ارتفاع الاستهلاك الخاص، وهو ما قد يدعم ظهور محتمل لدورة إيجابية تنطوي على زيادة في الإنفاق ناجمة عن ارتفاع الدخل. ونما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.1% على أساس سنوي، وهو ما أتى بأفضل من التوقعات، فضلًا عن تجاوز الانكماش المسجل في الربع الأول.
ارتفع زوج USDJPY بنسبة 0.32% خلال تعاملات اليوم.
استراليا: التغير في التوظيف (دولار استرالي)
ارتفع معدل البطالة المُعدَّل موسميًا في يوليو 2024 إلى 4.2%، فيما سجلت نسبة المشاركة مستوى قياسي بلغ 67.1%. وبرغم ارتفاع معدل البطالة، قفزت التعيينات الجديدة بمقدار 58,000 موظف وهو ما دفع مُعدل التوظيف إلى عدد السكان ليقترب من مستواه القياسي عند 64.3%. لا يزال سوق العمل متماسكًا في ظل مستويات مرتفعة للمشاركة والتوظيف، حتى أن أرقام البطالة ونقص التشغيل لا تزال أقل من أرقام ما قبل الجائحة.
شهد زوج AUDUSD ارتفاعًا يوميًا بنسبة 0.4%.
هبط الناتج الصناعي في المملكة المتحدة خلال الربع الثاني من 2024 بنسبة 0.1% مقارنةً بالربع الأول، وهو ما يُعزى بشكل رئيسي إلى انكماش النشاط التصنيعي بنسبة 0.6%، حتى برغم تسجيل نمو في إمدادات المياه، والصرف الصحي، والكهرباء والغاز ما ساهم في تعويض هذا الانكماش جزئيًا. برغم ذلك، شهد شهر يونيو 2024 نموًا في الإنتاج على أساس شهري بنسبة 0.8%، وذلك بدعم من نمو الإنتاج التصنيعي بمقدار 1.1%.
ارتفع زوج GBPUSD على أساس يومي بنسبة 0.18%.
سجلت مبيعات التجزئة والأغذية في الولايات المتحدة 709.7 مليار دولار في يوليو 2024، وهو ما يعكس زيادة بنسبة 1.0% مقارنةً بالشهر السابق و2.7% مقارنةً مع يوليو 2023. وقفزت المبيعات خلال الفترة بين مايو ويوليو 2024 بمقدار 2.4% مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي. كما زادت مبيعات تجارة التجزئة على وجه التحديد بنسبة 1.1% عن يونيو2024 و2.6% على أساس سنوي. الجدير بالذكر أن حجم المبيعات خارج متاجر التجزئة قفزت 6.7% مقارنةً بالعام الماضي.
المملكة المتحدة: مبيعات التجزئة – شهري (جنيه استرليني)
ارتفعت مبيعات التجزئة في بريطانيا بنسبة 0.5%، لتتعافى من التراجع الذي سجلته في يونيو بدعم من خصومات الصيف والأحداث الرياضية.
انخفض سعر صرف الجنيه الاسترليني مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 0.23%.
بلغ المعدل السنوي المُعدَل موسميًا لوحدات الإسكان المملوكة للقطاع الخاص وحاصلة على تراخيص البناء 1,396,000 وهو ما يمثل انخفاضًا قدره 4.0% مقارنةً بقراءة يونيو المُنقحة كما أنها أقل بنسبة 7.0% مقارنةً بالمعدل المسجل في يوليو 2023.
مؤشر الدولار الأمريكي يتراجع بنسبة 0.62%.
النفط الخام
بلغ متوسط مدخلات مصافي النفط الخام الأمريكية 16.5 مليون برميل يوميًا خلال الأسبوع المنتهي في 9 أغسطس 2024، بزيادة طفيفة عن الأسبوع السابق. بلغ متوسط واردات النفط الخام 6.3 مليون برميل يوميًا، بارتفاع طفيف عن الأسبوع السابق ولكن بانخفاض 2.0% عن العام الماضي. ارتفعت مخزونات النفط الخام التجارية الأمريكية بمقدار 1.4 مليون برميل، ولكنها ظلت أقل بنسبة 5% من متوسط الخمس سنوات. انخفضت مخزونات البنزين والمقطرات، مما ساهم في انخفاض إجمالي قدره 3.1 مليون برميل في إجمالي مخزونات البترول التجارية. سجل النفط الخام مكاسب أسبوعية بنسبة 3.4%.
ارتفع سعر الذهب مقابل الدولار الأميركي بأكثر من 23% حتى الآن هذا العام. وقد عُزِيَت هذه الزيادة الأخيرة إلى التوقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قد يبدأ في خفض أسعار الفائدة في سبتمبر، إلى جانب التوترات الجيوسياسية المتزايدة التي عززت الطلب على هذا الأصل الآمن.
اختتم المعدن الثمين (XAUUSD) تعاملات الجمعة على ارتفاع أسبوعي بنسبة 3.15%.
أرباح الشركات
الأربعاء 14 أغسطس، CSCO (Cisco Systems Inc.)
الخميس 15 أغسطس: BABA (Alibaba Group Holding Limited)
الخميس 15 أغسطس: WMT (Walmart Inc.)
أعلنت سيسكو سيستمز (CSCO) عن نتائج مالية قوية للربع الرابع، متجاوزة التوقعات بأرباح معدلة بلغت 0.87 دولار للسهم وإيرادات 13.64 مليار دولار. تتوقع سيسكو إيرادات للعام بأكمله تتراوح بين 55.0 مليار دولار و56.2 مليار دولار، بما يتماشى مع التقديرات السابقة. ومع ذلك، أشارت الشركة أيضًا إلى أنها تخطط لتنفيذ المزيد من تخفيضات الوظائف في المستقبل. حقق السهم ارتفاع أسبوعي بنسبة 6.6%.
قفز سهم وول مارت (WMT) بنسبة 7.2٪ بعد الإعلان عن أرباح قوية للربع الثاني تجاوزت التوقعات ورفع توقعات المبيعات السنوية. ارتفعت إيرادات الربع الثاني بنسبة 4.8٪ إلى 169.3 مليار دولار، في حين نمت المبيعات المماثلة في الولايات المتحدة بنسبة 4.2٪. شهدت أعمال التجارة الإلكترونية في وول مارت نموًا كبيرًا، مع زيادة بنسبة 21٪ عالميًا وارتفاع بنسبة 26٪ في قطاع الإعلان. وعلى الرغم من انخفاض صافي الأرباح بنسبة 43٪ بسبب مكاسب العام السابق، ارتفعت الأرباح المعدلة بنسبة 9.8٪، متجاوزة توقعات المحللين. تتوقع وول مارت الآن نموًا سنويًا في المبيعات بنسبة 3.8٪ إلى 4.8٪، وهي زيادة عن توقعاتها الأولية. ارتفع سعر السهم بنسبة 7.95٪.
على الرغم من زيادة الإيرادات بنسبة 4٪ على أساس سنوي، لتصل إلى 243.24 مليار يوان، إلا أن كل من الإيرادات وصافي الدخل أقل من توقعات المحللين بسبب التحديات في أعمال التجارة الإلكترونية الأساسية وزيادة المنافسة في الصين. في حين شهدت مجموعة تاوباو وتي مول انخفاضًا طفيفًا في المبيعات، أظهر قسم الحوسبة السحابية في علي بابا (BABA) نموًا واعدًا، مع ارتفاع الإيرادات بنسبة 6٪ على أساس سنوي بالتوازي مع تحسن ملحوظ في معدلات الربحية. تواصل الشركة التركيز على تنشيط أعمال التجارة الإلكترونية وتوسيع عملياتها في مجال الحوسبة السحابية. حقق السهم مكاسب أسبوعية بنسبة 3.75٪.
شهدت الأسواق المالية تفاعلات معقدة خلال الأسبوع 12-16 أغسطس 2024، والتي تجلت في تباينات حادة بين المؤشرات الاقتصادية في القطاعات والمناطق الجغرافية المختلفة. ففي حين سلطت المؤشرات الأوروبية الضوء على مخاوف النمو الاقتصادي، أدت مناطق أخرى مثل اليابان إشارات قوية على التعافي. وكما عكست التقلبات في أسواق السلع والعملات حالة عدم اليقين التي تسود الأسواق العالمية. برغم ذلك، خلقت أرباح الشركات القوية حالة من الاستقرار النسبي في خضم هذه التحولات، وهو ما انعكس في تحقيق مؤشرات الأسهم الرئيسية لمكاسب كبيرة. وإجمالًا، سلطت أحداث الأسبوع الماضي الضوء على استمرار التوترات الناشئة بين الهشاشة الاقتصادية والمرونة النسبية التي خلقت فسيفساء في أنحاء المشهد الاقتصادي العالمي.